حاصر المسلمون عين شمس وارتقى الزبير بن العوام السور، فلما أحس أهلها بذلك انطلقوا باتجاه الباب الآخر الذي عليه عمرو بن العاص؛ ولكن الزبير كان قد اخترق الباب عنوة ووصل إلى الباب الذي عليه عمرو؛ ولكن أهل عين شمس كانوا قد سبقوه وصالحوا عمرا, وكتب لهم عمرو كتاب أمان: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم، وملتهم، وأموالهم، وكنائسهم، وصلبهم، وبرهم، وبحرهم، لا يدخل عليهم شيء من ذلك، ولا ينتقص، ولا يساكنهم النوبة، وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذا الصلح، وانتهت زيادة نهرهم فعليهم خمسين ألف ألف، فإن أبى أحد منهم أن يجيب رفع عنهم من الجزاء بقدرهم، وذمتنا ممن أبى بريئة، وإن نقص نهرهم من غايته رفع عنهم بقدر ذلك، ومن دخل في صلحهم من الروم والنوبة فله مثل ما لهم، وعليه مثل ما عليهم، ومن أبى واختار الذهاب فهو آمن حتى يبلغ مأمنه، أو يخرج من سلطاننا، على ما في هذا الكتاب عهد الله، وذمة رسوله، وذمة الخليفة أمير المؤمنين، وذمم المؤمنين، وعلى النوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا وكذا رأسا، وكذا وكذا فرسا، على أن لا يغزوا ولا يمنعوا من تجارة صادرة ولا واردة.


بعد أن فتحت نهاوند أمر عمر بن الخطاب بالانسياح في فارس كلها، وأعطيت الأوامر لسبعة أمراء بالتوغل في أعماق فارس، فسار النعمان بن مقرن إلى همدان ففتحها، ثم إلى الري "طهران اليوم" ففتحها ثم قوس فأخذها سلما أخوه سويد، ثم جاء هو إلى جرجان وطبرستان وصالحوه، ثم بعض بلاد أذربيجان، وأما سراقة بن عمرو فذهب إلى باب الأبواب على سواحل بحر الخزر، وسار الأحنف بن قيس إلى خراسان ففتح هراة عنوة، ثم إلى مرو، ثم بلخ حتى أصبح الأحنف سيد خراسان، واتجه عثمان بن أبي العاص إلى إصطخر وفتح جزيرة بركاوان وإصطخر وشيراز، واتجه سارية بن زنيم وقاتل بعض حشود الفرس، وفيها الحادثة المشهورة التي قال فيها عمر من المدينة: يا سارية، الجبل.

أما عاصم بن عمرو سار إلى سجستان ففتحها ودخل زرنج فصالحوه بعد حصار طويل، وأما سهيل بن عدي ففتح كرمان، وانطلق الحكيم بن عمير إلى مكران وفتحها، واتجه عتبة بن فرقد إلى شمال غرب فارس فافتتحها.